انطوَت هذه الزيارة على أهمية خاصة في اعتبارها تمت على مستوى رفيع سياسيا، الأمر الذي يعكس تطورا في طبيعة التواصل، وهذا ما كانت تطالب به القيادة السورية وقوى لبنانية عدة.
ولئن كان لقاء الوزيرين قد حصل على وقع العدوان الاسرائيلي الذي يستهدف غزة والمنطقة الحدودية في الجنوب اللبناني، الا ان موعد اجتماعهما كان مقررا في الأساس قبل العدوان بناء على مشاورات سابقة بين وزارتي الخارجية في البلدين، لكنّ الحرب الإسرائيلية المستجدة أتت لتعزز الحاجة إلى عقده في هذا التوقيت، انطلاقاً من كَون الدولتين معنيتين مباشرة بمواكبة ما يجري وببلورة موقف مشترك حياله، الى جانب البحث في متطلبات معالجة ملف النازحين السوريين الذي كان الحافز الرئيسي لترتيب الزيارة أصلاً.
وعُلم ان بوحبيب والمقداد كانا متفاهمين على وجوب مقاربة الحرب على غزة استناداً الى المعايير الآتية:
- وقف العدوان الاسرائيلي فوراً.
- إدخال فوري وغير مشروط للمساعدات الإنسانية الى قطاع غزة.
- رفض التهجير القسري للفلسطينيين ورفض توطين اللاجئين منهم.
- إعتماد الحل السياسي عبر تطبيق القرارات الدولية التي تكرّس حق الفلسطينيين في دولة مستقلة.
وكان هناك توافق بين بوحبيب والمقداد، خلال المداولات، على أن التاريخ والتجربة اثبتا انّ الحروب الإسرائيلية تعطي نتائج عكسية، «إذ وفيما رفع الاحتلال شعار سَحق «حزب الله» في حرب تموز 2006 ها هو الحزب اصبح اقوى بكثير بعدها، وبينما كان هدف اجتياح 1982 للبنان القضاء على منظمة التحرير اذا بالمقاومة الفلسطينية تنتقل الى داخل الكيان الاسرائيلي إضافة إلى ظهور المقاومة اللبنانية بكل أطيافها والتي نجحت في طرد الاحتلال وفرض معادلة توازن الرعب والردع عليه، والآن يريد قادة الكيان القضاء على «حماس» ولن يستطيعوا، وحتى لو نجحوا فَرضاً فإنّ «حماس» ثانية ستولد ما دام الفلسطينيون لم يحصلوا على حقوقهم».
امّا في ما خص قضية النازحين، فإن بوحبيب لم يتوهّم بأنه سيأخذهم معه إلى سوريا، الا انه انتهز الفرصة ليناقش هذه القضية بوضوح وصراحة مع المقداد، شارحاً له «اننا نعرف صعوبة ظروفكم نتيجة الحصار وما يرتّبه من تداعيات اقتصادية واجتماعية وكذلك نعرف تعقيدات الوضع الدولي، إنما علينا أن نتعاون لتخفيف وطأة النزوح قدر الإمكان».
وعرضَ بوحبيب على المقداد التنسيق لسد ثغرتين: الأولى على الحدود حيث تنشط مافيات تهريب النازحين، والثانية تتعلق بمحكومين سوريين يقضون عقوبتهم في لبنان لارتكابهم جرائم جنائية لا علاقة لها بالارهاب، حيث طرح الوفد اللبناني ان يستكملوا عقوبتهم في سوريا بسبب اكتظاط السجون اللبنانية.
وقد وعد الطرف السوري بدراسة هذين المطلبين، مؤكداً «الترحيب بأيّ نازح يقرر ان يرجع إلى بلاده واهلاً وسهلاً بكل عائد، الا ان المشكلة هي ان النازحين الذين يتقاضون أموالاً من الدول المانحة لن يعودوا الا اذا نالوا المبلغ نفسه في سوريا، الأمر الذي تعارضه الجهات الغربية».
كما لفت الطرف السوري الى انّ هناك حاجة الى تأمين خدمات اساسية للعائدين، خصوصاً اولئك الذين يقطنون في بلدات ضمن أرياف مدمّرة.